دروس تربوية وروحية في شهر الصوم هل نتأملها ؟؟

خي الصائم، الصوم فرض على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم، وهو شهر الصبر، والصبر جزاؤه عند الله كبير (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )). والله تعالى لم يفرض علينا شيئا لا نطيقه؛ ولكنه فتح لنا في شهر الصوم – من باب التنويع، والتوزيع، والتوسيع – أبوابا أخرى لاغتنام الخيرات والبركات ضمن قاعدة التيسير والتشمير لمن أحب أن يزيد من حسناته، ويضاعف رصيده من الأجر العظيم؛ فنحن في شهر رمضان نتسابق إلى صلاة التراويح، فمنا من يصلي إحدى عشرة ركعة مع الوتر، ومنا من يزيد بحسب الطاقة، ويستطيع أن يوزع هذه الصلوات في حدود زمن الليل، وبعضنا يطيل وآخرون يخففون (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) ثم هناك موسم الإقبال على القرآن في هذا الشهر الكريم، والناس يتفاوتون في مقدار القراءة وزمنها.

أخي الصائم، وفي العشر الأواخر من رمضان يأتي موسم من مواسم الخير في هذا الشهر الفضيل ألا وهو الاجتهاد لإدراك ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ ثم يتلو هذا الموسم إخراج صدقة الفطر، وبعدها ليلة العيد وما فيها من أجر؛ ثم صلاة العيد.

وقبل أن يفوتني موسم آخر أود أن أشير إليه ألا وهو سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر القرآن؛ فمن أطاق منا هذه العبادة فلا تفته؛ إذ تتوافر في هذه السنة معان جليلة عظيمة، وأهمها انقطاع العبد عن الدنيا بكل شواغلها وهمومها ومطالبها؛ فيتجرد المؤمن من ثوب الدنيا ويقبل على الآخرة بكل حواسه وملكاته؛ فلا يخرج من معتكفه إلا للضرورة، ثم إذا اعتكف معه آخرون، فتنشأ بينهم لحمة وقربى قوية جدا وهم يعيشون في صفاء روحي لا يتذوقه إلا هم، وفي المعتكف يكثرون من الدعاء وقراءة القرآن والتفكر والتدبر؛ إن الاعتكاف عبادة داخل عبادة في مكان كريم ( المسجد ) وزمن ممتد يشمل الثلث الأخير من الليل وغيره حيث يستحب الاستغفار والدعاء وطلب الحاجات من المولى سبحانه وتعالى وإعلان التوبة وتجديدها؛ فما بالك أيها المسلم إذا أدركت ليلة القدر التي العمل فيها يعدل العمل في ألف شهر أو خير من ألف شهر.

في هذا الشهر الكريم يتذكر المسلم أول نزول للقرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بداية الصلة بين السماء والأرض؛ ثم يتذكر معركة بدر التي هزم الله فيها الشرك، وأعز المسلمين وهم قلة في العدة والعدد؛ ولكنهم كرماء على الله بما حققوا من شروط المنعة والنصر.

إنني من هذا الاستعراض السابق أود أن أقرر حقيقة غفل عنها المسلمون؛ وأشار إليها أهل العلم إلا وهي: إن التنوع في العبادات وكثرتها ثم مشروعية أنواع من العبادات ضمن العبادة الواحدة هي رحمة من الله لخلقه؛ فهو سبحانه يعلم ضعفهم وقدراتهم وأحوالهم؛ لذلك وسع عليهم وفتح لهم أبواب الخير؛ فمنهم من يقبل على الخير من باب الصوم فيزيد في صيامه بعد رمضان، فيصوم ستا من شوال ومنهم يزيد في الصدقات أو في الصلوات وبعضهم يعتكف؛ وآخرون يتحرون ليلة القدر في الليالي المفردات، وفريق يختم القرآن مرات، ومنهم من يختصر، ولكنه يكثر من التدبر؛ وكل يعمل بما يتيسر وبما هدي إليه ووفق؛ فلا ينبغي أن يقول المعتكف لمن لم يعتكف أنت مقصر، فربما هذا زاد عليه في باب الصدقات، وآخر في باب صلة الرحم، ورابع تقدم عليه في قراءة القرآن وحفظه .....إلخ

أخي المسلم، اعلم أن الله يتقبل من المتقين (( ...إنما يتقبل الله من المتقين )) كما جاء في قصة هابيل وقابيل، ثم إن الإخلاص في العمل شرط في قبوله وموافقته لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.والتيسير والبعد عن الغلو والتنطع مطلوب ، وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل كما جاء في الحديث، فحري بنا أن نتناصح في الله ونتذاكر لا أن نقلل من شأن بعضنا بعضا.

هذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على الهادي البشير .

بارك الله فيكى اخى فى الله وربنا يقدرنا على ان نتم شهر رمضان كاملا مكملا