البيت اتخرم والجيران كهربوه

حالة غريبة، لا تثير التعاطف بقدر ما تثير دهشة، بطلتها تقنع نفسها ومن حولها بأنها ضحية ظروف.. ظروف دفعتها للهرب من بيت أهلها وهى فى الثامنة عشرة من عمرها، وظروف دفعتها للزواج عرفياً من سباك، وظروف أيضاً قطعت مصدر رزقهم الأساسى، وهو حماتها تاجرة المخدرات.

فى حجرة ضيقة ومخرومة حسب وصفها عاشت فاطمة عيسى طوال ٤ سنوات.. لا تملك مبرراً لزواجها العرفى من السباك الذى أحبته، ولا تجد مبرراً أيضاً لعدم توثيق الزواج إلا قبل عام بعد تردد شرطة الآداب على الحجرة أكثر من مرة وسؤالهم عن قسيمة الزواج، ورغم ضيقها بحماتها وكراهيتها لها لأنها كانت تعاملها كخادمة- «بتقولى ما تأكليش معانا روحى المطبخ.. وبتبهدلنى»- فإنها حزينة جداً منذ القبض عليها بتهمة الاتجار فى المخدرات، وتبرر: حماتى كانت هى اللى بتساعدنا..

وبصراحة ماكناش نعرف تجارتها فى المخدرات أصلها كانت بتشتغل كذا حاجة وتساعد رجال الأعمال فى الانتخابات، وكان ليها شهرية من رجل أعمال بتدينا منها، لكن من يوم ما اتمسكت لا زاد ولا زواد بيدخل بيتنا وعايشين شحاتة على الجيران اللى بقينا نستخبى منهم أحسن يطالبونا بالديون.

الجديد فى مأساة فاطمة هو حجرتها التى انهارت أجزاء منها، والفتحة العملاقة التى أحدثها الانهيار داخل الحجرة والتى تجعلها تطل بسهولة على جيرانها فى الدور الأرضى، وتعوق حركتها داخل الحجرة، وفى الوقت نفسه تجعل جيرانها وكأنهم يقيمون معها فى الحجرة، الغريب هو موقف الجيران، فخوفهم من تسلل فاطمة أو زوجها إليهم من خلال الفتحة، دفعهم إلى كهربتها، ليكون الموت صعقاً هو عقوبة من يمر فى الفتحة..

ليس هذا فحسب، ولكن تأخر فاطمة وزوجها عن سداد الإيجار ٥ أشهر دفع صاحبة الحجرة إلى طردهم، لكن فاطمة تماطل وترفض، ومبررها: أوضة مخرومة ومتكهربة أحسن من نومة الشارع، أنا مش خايفة على نفسى ولا على جوزى أنا خايفة على ابنى.

الأكثر غرابة أن فاطمة ترى نفسها مظلومة وإحدى ضحايا الظلم، وتتهم من حولها بظلمها: راجل الأعمال اللى حماتى كانت بتساعده فى الانتخابات بطل يساعدنا ويبعت لنا الشهرية بعدما اتسجنت، وصاحبة البيت مش بترحم وعايزة تطردنا، والناس بقت وحشة خالص ومش عايزة تسلفنا ولا حتى نقطة زيت، وبرضه محدش فيهم عايز يشغلنى عشان حامل.. بافكر أطفش من هنا بس ماليش حتة أروحها.. وكمان الواحدة ليها مرة واحدة تطفش فيها وأنا عملتها وندمت عليها.